دروس لاتنسى.. من وحي 17 يونيو


من حقي أسوق

حين عدت لمكان عملي اليوم الثاني لاطلاق سراحي، كان من الصعب على زملائي في العمل عدم المرور على مكتبي والوقوف طويلاً (يتحمدون عالسلامة) وفي عيونهم ألف سؤال. سمعت كثيراً (هل أنت بخير؟). كنت أرد بابتسامتي مازحة (نعم شكراً كانت اجازة سعيدة. أنت كيفك؟ وكيف العمل؟). تحدثنا في كل شيء عن العمل أو مبادرة من حقي أسوق، لكنني كنت أتجنب الخوض في موضوع توقيفي والاشاعات التي عرفت عنها حين خروجي. كان من الصعب أن لا يُرمى السؤال بعد نفاذ صبرهم في آخر المحادثة عن ما حصل. ابتسم وأعود لأوراقي وعملي.

قد لا أتحدث اليوم رغم أنه تم سؤالي ألف مرة في كل مكان عام أذهب له من فضاء الانترنت لأرض حياتي. وسيأتي اليوم الذي أجاوب فيه على كل الاسئلة حين تكتمل الصورة لدي أو حين يكون هناك انجازات ونتائج حقيقية أفخر بعرضها مع تجربتي. تعودت أن أتعلم من تجاربي وأمضي قدماً، لأن الوقوف طويلاً واضاعة الوقت في الكلام لايجعل للأفعال مكان في حياتك. لكن لايمنع أن أشارككم بعضاً من الدروس التي تعلمتها حتى اليوم. فالدروس من الأسابيع القليلة الماضية تعدل سنين من حياتي.

حياتي التي قضيتها بين كتبي وطلب العلم والمنافسة لأنال دوماً شرف الريادة والسبق في دراستي أو عملي وبين رعاية طفلي الصغير ووالدي الكبيرين. ثم اضطرتني الظروف والمعاناة المستمرة أن أضيف (همٌاً) لمشاغلي الكثيرة. وكان مما أهداه همي لي من بعض الدروس التي لاتنسى:

علق رجاءك وأملك بالله وحده وهو من سيسخر الخلق لك. حين تدخل مكتبي أول ما سترى ورقة مكتوب عليها (من تعلق بغير الله وكله الله إلى ماتعلق به) وهي فلسفتي في الحياة

أرى نوراً آخر النفق: أخلص النية وضع أمامك هدفاً واضحاً وركز على الهدف. لاتشتت الجهود واستمر باصرار مهما قوبلت من استهتار وتهميش وتتفيه. لا تلتفت لو للحظة لما يقوله الحاقدون ممن انشغلوا في مناقشة الأشخاص وتوافه الأمور ليصرفوا البقية عن القضية الأساسية، وذلك سر النجاح.

هناك دوماً مخرج: مهما خططت لكل حركة ستكون دوماً هناك مفاجآت غير سعيدة وغير متوقعة! لا يعني ذلك أن نتوقع الاسوأ أبداً. كن متفائلاً حتى في أحلك الساعات. فما أضيق العيش لولا فسحة الأمل

نعم نحن النساء: الحركات الحقوقية النسائية على مر التاريخ نجحت حين قادتها النساء بدعم من الرجال في حين فشلت حين قادها الرجال نيابة عن النساء.

المرأة عدو نفسها الأول في مجتمعنا: لا يمكن أن نطلب من الرجل أن يدافع عن حقوقها إذا لم تؤمن هي بذلك. المرأة رضعت ثقافة (العيب واحمدي ربك وانت مرة مكسورة الجناح وظل راجل ولاظل حيطة) مع حليب أمها. تعلمت أبجديات المعاناة في صمت في مدرسة مجتمع يلبسها دوماً الخطأ، وينظر لها نظرة الريبة مهما أبدت من حسن النية ومهما إجتهدت وبذلت ستظل المسؤول الأول عن أي فشل أو مشكلة كان الرجل طرفها الآخر.

الصمت ليس علامة الرضا: قالت لي أحد الأخوات (احنا اعطيناهم وجه) كان من أظرف ما سمعت عن وضعنا الحالي. فعلاً لا تتوقع أن يحس العالم بمعاناتك إذا لم تتحدث عنها. الكثير من المعارضين أدهشهم مدى المعاناة التي تعيشها المرأة وتعطيل مصالحها بشكل يومي لأنها معلقة برقبة سائق أو ليموزين وحجم المصائب التي أوجدناها بأنفسنا حين منعناها من هذا الحق الأساسي والصمت المخيف عن جرائم السائقين. المنصفون من المعارضين انتقلوا لصف المؤيدين حتى لو في قرارة أنفسهم.

السعادة تنبع من الداخل: المرأة في مجتمعنا نذرت حياتها وعلقت آمالها بوجود رجل في حياتها يكون سبب سعادتها أو تعاستها. ونست أنها لتُسعد من حولها عليها أن تكون هي سعيدة مع نفسها، ففاقد الشيء لايعطيه.

لتغير من حولك غير نفسك: ولن يغير الله مابقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. لا تتوقع أن يتغير العالم من حولك بالأماني وبإكثار الدعاء دون الأخذ بالأسباب أو حتى بالاستجداء. ولن يأتي التغيير بالتشكي من سوء الحال دون طرح حلول وتطبيق الحلول. مهما تكلمت لن يأخذك من حولك على محمل الجد مالم تبدأ بنفسك الخطوات الفعلية وتستخدم الضغط الايجابي لفرض التغيير

أعداء التطور في وطني أربعه: التيار المتشدد المحسوب على المتدينين الذي يمسك بسيف (سد الذرائع) فيحرم المباح ولا يقبل نقاش فتاوى لاتناسب الوقت ولا الزمان ويتمسك باستماته بها ويرفعها منزلة القرآن ويهاجم من يطالب بتحكيم العقل لقبول مثل هذه الفتاوى بتهم التغريب والتفسيق. الصحافه الصفراء والكتاب المتسلقين الباحثين عن الشهره لو بالكذب واثارة الاشاعات وارهاب الناس. جماعة الله لايغير علينا الخائفين من كل ماهو جديد الذين يرون أن في لزوم مكانك السلامة. بعض من حولنا من ( الخوافين) مصدقي الاشاعات المحبطين أو من تأخذهم الغيرة من احتمال نجاحك فلا يريدون أن يتحركوا للتغير ولايريدون لغيرهم النجاح هؤلاء للأسف هم نتاج ثقافة الخوف المتأصلة القائمة على (الشعب يؤدب الشعب)

التجاهل أبلغ اهانة: يستغرب زملائي وزميلاتي في فريق العمل كيف أحافظ على هدوئي وابتسامتي في أحلك اللحظات. وكيف أنني لا أرد على سيل الشتائم والاتهامات والأكاذيب التي تخرج بحقي كل يوم. أذكرهم دوماً أنها ليست علامة ضعف بل قوة. فالخصم الأحمق إذا راددته اعطيته أكبر من حجمه فيزيد امعاناً في كيل السباب وكيد المكائد لكن إن (خليته كمداً يموت). مايفعلونه لا يمثل إلا زوبعة في فنجان لاتلبث أن ستخمد لوحدها. وفي النهاية لا يصح إلا الصحيح. أن استثمر طاقتي في العمل خير من أن اضيعها في المدافعة والخصام. والانجازات ستكون كفيلة بإلقامهم حجراً

الأفعال تصنع الفرق وليس الأقوال: لا تستهن بالأفعال على صغر حجمها فمستعظم النار من مستصغر الشرر. في حياتك لو أتيت بألف فكرة على الورق لاتعدل فكرة واحدة تراها على أرض الواقع. تحدث قليلاً وأعمل كثيراً فبالعمل وحده ستصل

حين تكون لديك رؤية بعيدة لا تتوقع أن يرى الناس ماترى وتوقع المقاومة والمساءلة. تأكد أن الوقت والنتائج وحدهما كفيلان بشرح رؤيتك

قطع الدومينو أو حبات السبحة: لاتتوقع أن تحارب للحصول على الحقوق الأساسية التي هي على رأس الهرم بنساء تعودن الاستسلام للأمر الواقع لأن أي مطالبة بالتغيير ستجابه بعاصفة من الاستنكار وتهم التمرد والخروج عن الأعراف والتقاليد التي ما أنزل الله بها من سلطان. حين تبدأ بأحد الحقوق وتصنع النجاح ستصنع مع ذلك التصديق الكامل (بأننا قادرات) على التغيير وعلى استرجاع بقية الحقوق المسلوبة. لذلك القيادة ليست الهدف الاسمى، هي عنق الزجاجة لبقية الحقوق. هي أولى قطع الدومينو التي ستسقط بقية العقبات أو كما قالت لي احداهن (زي السبحة إذا انفرطت حبة ينفرط الباقي). القيادة ستفتح للمرأة فضاءً رحباً واسعاً من الخيارات الغير متاحة الآن بسبب تقييد حركتها. سواء من الدراسة أو العمل أو على القيام بشؤون بيتها وأطفالها بنفسها.

التضحيات ضرورات: لن تنال الحريات دون أن تبذل التضحيات. وكفى!

في الجزء الثاني من المقالة سأتحدث عن بقية الدروس وهي باختصار:

كن مظلوماً تنتصر

لا تصدق كل ما تقرأ ولا تنقل كل ما تسمع

المصائب تكشف الأصدقاء الحقيقيين

الاشاعة حيلة الجبان والصراخ حجة من لاحجة له

الاعلام المحلي لايخدم قضايا المواطن وله أجنداته مع وجود قلة قليلة متبقية من الأقلام الصادقة

الطائفية المقيتة والعنصرية النتنة من يقف في طريق اتحاد الجهود وبناء الوطن

سقوط الأقنعة

غياب قانون يجرم : العنصرية، قذف المسلمات ، التحرش بالنساء

هل أنا مواطن؟ إذن ماهي حقوقي كمواطن؟: غياب الوعي عند المواطن بحقوقه

الجيل الجديد من الشباب من سيقود التغيير

التشاؤم والاحباط عدوك الخفي

العمالة المنزلية: الرق الجديد

لا تدافع عن نفسك، الوقت وحده كفيل بكشف الحقيقة

مهما كنت حذراً ستثير سخطهم

مجتمع الخصوصية أكثر من ينتهك الخصوصية

المتسلقون

الفجوة الواسعة بين جيلين.. (أنت لا تفهمني)

One thought on “دروس لاتنسى.. من وحي 17 يونيو

Leave a Reply

Fill in your details below or click an icon to log in:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Twitter picture

You are commenting using your Twitter account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s