الجمعة ٢٨ سبتمبر ٢٠١٢
صباح الخير، اسمي منال الشريف، أتيت من مملكة الرجال السعودية …
إنه لشرف كبير وغير متوقع تماماً أن أكون هنا، بينكم جميعاً، وبحضور الكثير من الأشخاص الذين أنظر لهم بإعجاب و لطالما وجدتهم مثل أعلا. داو أونغ سان سو تشي، يانغ جيانلي، مارينا نعمت، جميعكم قدوة بالنسبة لي. أنتم اثبات حقيقي أن الكفاح يستحق ذلك، وأنه يستلزم العزم والصبر لزحزحة الجبال التي تعوق طريقنا نحو الحرية الحقيقية والإزدهار. لو قال لي أحدهم قبل عام مضى أنني سأقف هذا الموقف اليوم لما صدقته، كنت حينها مجرد أم عزباءة تعمل في مجال أمن المعلومات لتعول أسرتها. وعلى الرغم من كوني اليوم لا أعمل لكنني أكثر سعادة ومعرفة بغايتي أكثر من أي وقت مضى.
تعلمت في العام الماضي مالم أتعلمه خلال ثلاثين عاماً من حياتي، ومن أهم ماتعلمت أن التحدث علنا عن وضع قائم ومسلم به لهو في الواقع من أصعب ماستقوم به في حياتك. في حالتي، كان الوضع الراهن هو تحدي الحظر القائم على قيادة النساء للسيارة في وطني. من في الخارج لن يستوعبوا الموضوع وقلة سيتفهمون عمق المشكلة، لأنها لا تمثل مشكلة أساساً في بقية العالم. ولكن في المملكة العربية السعودية، قيادة المرأة تتجاوز المسألة الدنيوية للإمساك بعجلة القيادة، إنها تشمل العواقب السياسية والاجتماعية والإقتصادية الناتجة عن رفع مثل هذا الحظر.
إن ما يعنيه رفع حظر التنقل للمرأة عند المؤسسة الدينية هو مايجعلهم متشددين في ابقاءه. كما أن الأموال التي تتدفق من استقدام أكثر من مليون سائق أجنبي من جنوب شرق آسيا لهي فرصة لتحقيق أرباح من الصعب التخلي عنها. والأهم من ذلك، دعوات التغيير من الشعب غير مرحب بها بتاتاً في ظل ملكية مطلقة تتطلب الولاء من مواطنيها كونها الحامي لمعتقدهم وخيراتهم.
ولعل ذلك يفسر درة الفعل العنيفة التي حصلت لي عندما رفعت فيديو على موقع اليوتيوب أتحدث فيه – أثناء قيادتي للسيارة- عن رفع الحظر واقتراح يوم ١٧ يونيو كيوم للبدء في تعويد بلادنا على رؤية نساء في مقعد قائد السيارة. كنت تحت انطباع خاطيء أن المجتمع السعودي بدأ بالإنفتاح تجاه هذا الموضوع وأن الحكومة تسعى أيضاً نحو اعطاء المزيد من الفرص للمرأة. لكن أعتقد أنني أخطأت في حساباتي، فعقاباً على (جريمتي) تم سجني لتسعة أيام، وقامت قيامة البلاد كلها بين مؤيد ومعارض. وخرج الكثير من أئمة المساجد في خطبة الجمعة لشجبي، حيث أطلقوا علي الألقاب من خائنة، ورجز من عمل الشيطان، ومتآمرة، حتى أن أحدهم تجاوز كل الحدود بدعوته لجلدي في مكان عام.
إن أولئك الذين رأوا المصلحة في سجني، فعلوا خيراً كبيراً بدون قصد لضمان نجاح مبادرة ١٧ يونيو، حيث خرجت عشرات النساء في ذلك اليوم للقيادة في الشوارع وتوثيق ذلك بالتصوير والرفع على موقع اليوتيوب. تلك النسوة لم يسبق لي أن ألتقيتهن، ولم يسمعن من قبل عني قبل سجني. خرجن للمشاركة في مبادرة ١٧ يونيو وخاطرن بأن يزج بهن في السجن، يسعدني أن أقول أن العقل انتصر ولم تسجن أي امرأة يومها، ومع ذلك حصلنا على أول مخالفة مرورية تحرر لامرأة في تاريخ السعودية.
لزملائي التقنيين، قبل سنوات قليلة لم أكن لأتمكن من الوصول إلى – أو حتى الاساءة إلى- هذا العدد الكبير من رجال بلدي ونسائه. في ظل ملكية مطلقة يتم اعتقال الناس بدون تهمة وأحياناً لسنوات ، إذا انشأوا منظمة غير حكومية، أو خرجوا للإحتجاج في الشارع أو حتى نشر مقال يشكك في الحكومة، لم تكن هناك منصات للمواطنين العاديين للتعبير عن آرائهم من خلالها. لم يكن ذلك ممكنا حتى جاءت وسائل التواصل الاجتماعي، ما يستخدمه العالم للحصول على المعلومات أو الترفيه والبقاء على اتصال مع العائلة والأصدقاء، أصبح في السعودية صندوق للديموقراطية، منبرنا العنيد، ونعم وسيلة للتنفيس ودرع للحماية.
وقد لعبت وسائل التواصل الإجتماعي دوراً محورياً في ضمان نمو مبادرة ١٧ يونيو إلى حملة كاملة، لا تشمل فقط رفع الحظر عن قيادة النساء، بل أكثر بكثير من ذلك. ومن خلال وسائل التواصل الإجتماعي ولدت حملة “حقي كرامتي” ذات القاعدة الشعبية الكبيرة، وازداد عدد أعضاءها ليشمل الآلاف من الرجال والنساء في جميع أنحاء البلاد. الطريقة الوحيدة التي تتواصل فيها الحملة مع أعضاءها من خلال وسائل التواصل الإجتماعي. وحيث أن الصحافة المحلية لن تغطي مطالبنا، فإننا نرسل أخبارنا والعرائض والبيانات، من خلال تويتر. لم نكن لنقطع شوطا بعيدا دون تويتر.
يسمي البعض حركتنا “ربيع المرأة السعودية”، ولكن دعونا نكون جادين، مازلنا خلف نقطة البداية لتلك الثورات حيث ٥٠٪ من الشعب مازلن لم يحصلن على الحقوق الأساسية التي يراها الآخرين من الأمور المسلم بها في طريق كفاحهم نحو ديموقراطية حقيقية.
ومع ذلك، فإنه يسعدني أن أخبركم عن بعض التغييرات الإيجابية التي حصلت في العام الماضي:
-
على الرغم من أن التربية البدنية مازالت لا تشكل جزءاً من المنهج الدراسي في المدارس الحكومية للبنات، والوصول إلى المرافق الرياضية أمر نادر الحدوث بالنسبة للمرأة السعودية، لكنني سعيدة أننا أخيراً، كما يحتمل أنكم جميعاً سمعتم، قمنا بإنجاز تاريخي بفتح الباب أمام تواجد المرأة السعودية للمنافسة في دورة الألعاب الأولمبية في لندن هذا العام.
- في يونيو من عام ٢٠١١، أصدر الملك عبدالله مرسوماً ملكياً يسمح للنساء بالعمل في أماكن البيع بالتجزئة وشغل وظائف كبائعات أو محاسبات. ورغم أن المواصلات وقوانين الوصاية تظل عقبة في طريق تمكين المرأة، إلا أن المرسوم وفر لما يقارب أربعين ألف امرأة وسيلة لإعالة أنفسهن وأسرهن.
- في سبتمبر ٢٠١١، أصدر الملك عبدالله مرسوماً تاريخياً ينص على منح النساء حق التصويت والترشح في المجالس البلدية في الإنتخابات البلدية المقبلة، وحق العضوية الكاملة في مجلس الشورى. وإن كان لا يمكن إنكار أنه يظل يزعج معظم السعوديين أن يتم تعيين أعضاء مجلس الشورى من قبل الملك بدلاً من التصويت عليهم من قبل الشعب.
- بحلول عام ٢٠١٢ وصل أعداد المبتعثين للدراسة في الخارج أكثر من ١٣١ ألف،، مايقارب نصفهم طالبات. وعلى الرغم من أن الكثير منهن يدرسن تخصصات لمهن غير مرخص لهن بمزاولتها في السعودية، كمهنة المحاماة. آمل أنه وبحلول الوقت الذي ينهين فيه دراستهن ويعدن من الخارج، ستتم إزالة هذه العقبة وتتمكن الأمة من الاستفادة الكاملة من استثمارها.
ماوراء حدود السعودية، تلقينا جميع أنواع التضامن التي آمل أن تنظر لها السلطات السعودية كتشجيع وليس كتحدي، من بين أمور كثيرة أود ذكر أمرين اثنين:
-
كان شرف عظيم حصولي على جائزة فاسلاف هافل في أوسلو سابقاً هذا العام.
- كما حرك مشاعري الكثير من أعمال الفنانين الذي أعلنوا عن تضامنهم معنا بأعمالهم الفنية وأذكر منهم مغنية البوب البريطانية (ميا) وأغنيتها (الفتيات المتمردات) – حصلت هذه الأغنية على ما يزيد من ٢٦ مليون مشاهدة منذ عرضها على موقع اليوتيوب.
كما قلت سابقاً، في هذه الملكية المطلقة اليافعة التي لم تبلغ من العمر ٨٠ عاماً فقط، هناك مجال بسيط جداً للمواطنين العاديين للتعبير عن ما يقلقهم أو الحصول على منصة يتحدثون منها. لا يوجد ممثلين للشعب بسلطة تشريعية أو تنفيذية، وجرت العادة أن يفرض التغيير إما من الأعلى إلى الأسفل أو من خلال المؤسسات الدينية والقبلية التي يتم استبعاد النساء تماماً منها.
إن وسائل التواصل الإجتماعي، وخطابات كالخطاب الذي ألقيه الآن، هي الأدوات الرئيسية التي تتوفر للنساء السعوديات اللاتي يرغبن في انهاء التمييز ضدهن، ليبنين وطناً يعامل كل مواطن، بصرف النظر عن جنسه، بكرامة واحترام.
أعمل مع حملة (حقي كرامتي) نحو سعودية لا تحتاج فيها المرأة الراشدة إلى إذن ابنها للسفر، ولا تحتاج فيها النساء لإذن ولي أمر عنفها لتخرج من دار الحماية التي هربت منه إليها، سعودية تتمكن فيها المرأة من الحصول على وسيلة لإعالة نفسها، سعودية تحتفظ بها البنت بحق طفولتها. كل ما نريده مملكة عربية سعودية تحترم إنسانية المرأة.
لقد قيل لي في السابق: (إنه الوقت الغير مناسب، إذا كنت تحبين وطنك فعليك الانتظار)
وأود أن أجيب عليهم:
لأنني فخورة بكوني امرأة سعودية، ولأني أحب وطني، لن انتظر. إن حقوق المرأة ليست مصلحة خاصة ولا مكسب. حقوق المرأة أو غيابها يؤثر على المجتمع بأكمله. إن المجتمعات التي تبقي المرأة في المقعد الخلفي، ستبقى دوماً في الجانب الخطأ من التاريخ.
الخطاب جريء وشجاع ،وكذلك فكرتك وتنفيذرغبتك
غاب عنك التفكر بعمق في دراسة نتائج جرئتك السابقة
(الايجابيات والسلبيات ) وردود الفعل(من السُن ذوالعقول المتحجرة) التي ربما لاتعني إلا قائلها…
لم أحزن على سجنك مادمتي مقتنعة برأيك وحقك في تحقيق رغباتك مادامت لاتمس الدين ،ولا تسبب زعزعة أمن الدولة!!
أحزنني (كنت امرأة عاملة أمن معلومات) والآن لاأعمل؟!
نعم ؟؟؟؟حتى بات في مخيلتي أن هناك عقل _متخلف_ ساهم في طي وفصلك من الخدمة.
وسيضع لنفسه الف الف مبرر مالم تكن حجته ومبرره سوء السلوك؟؟
أعانك الله يامنال.
ونصيحتي أن تطلبي تحقيق رغبتك من ولاة الأمر إن كان ولي أمرك الشرعي راضٍ بتحقيق رغبتك ،وتحملين وتملكين مايؤهلك…
أعانك الله يامنال
فخوره جداً بك واتمنى ان اكون مثلك،،،،، أتمني لك كل التوفيق
شاكرة دكتورة عزيزة.. ومقدرة جداً
الحق يقال اول طرح جرئ من مرأة سعوديه عانت ماعانت مثلها مثل بنات جلدتها ومهما تحدثت فبل اليوم لن يستطيع العالم ان يفهم مأساتها.. اتمنى لك ولكل النساء السعوديات التوفيق وفقكم لله وسدد خطاكم وعاننا واياكم على ما فيه تقدم هذه الامة